اضطراب الشخصية الحدية

يعد اضطراب الشخصية الحدية من أخطر أنواع الاضطراب لدوره في منع الشخص من التحكم في عواطفه والمعاناة من عدم الاستقرار في شتي الجوانب من حياته المهنية والشخصية.

ويعتبر هذا الاضطراب مزمن وعند استمرار أعراض الاضطراب على الشخص بدون معالجتها تعوق آداء الشخص اليومي بشكل ملحوظ.

وبرغم ذلك فإن الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية يستجيب بشكل جيد للعلاج.

وبالطبع لابد من عمل برنامج خاص له للتعافي والتغلب هذا الاضطراب واستعادة قدرة الشخص على التحكم في حياته العاطفية.

ما هو اضطراب الشخصية الحدية

يعرف اضطراب الشخصية الحدية بأنه اضطراب يؤثر على المزاج وهو اضطراب مزمن ويؤثر أيضا على علاقات الشخص، والشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية الحدية يعاني من عدة صعوبات من ضمنها صعوبة إدارته لعواطفه ويخضع لتحولات مفاجئة في مزاجه.

الشخص المصاب بهذا الاضطراب يكون متفاعل بشكل كبير مع العوامل الاجتماعية والبيئية وتكون أيضا استجابته العاطفية غير متناسبة ومتطرفة، ويواجه نوبات من القلق والاكتئاب والغضب الشديد وإحساسه الدائم بعدم الأمان ويعاني من جنون العظمة وأحيانا الإحباط ويدوم معه الإحساس بالإحباط لفترة طويلة.

الأِشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية يظهر عليهم بعض الآثار الجانبية بسبب مزاجيتهم المضطربة وعدم تحكمهم في عواطفهم، ويكونوا عرضة لبعض السلوكيات المندفعة المحفوفة بالمخاطر وأحيانا ذاتية التدمير، ويعانون من اضطراب في صورتهم الذاتية وبسبب هذه الظروف المتطرفة فإن هؤلاء الأِشخاص تتعرض قدرتهم على إدارة حياتهم وعملهم الي الخطر.

الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية الحدية يميل دائما الي الفوضى وعدم اليقين الدائم ويواجهون دائما صعوبة شديدة في الحصول على وظيفة، وأيضا عدم قدرتهم على المحافظة على منازلهم أو علاقاتهم أو إدارة شئونهم المادية.

ترتفع حالات الانتحار بشكل كبير ومزعج بين الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية ويوضح ذلك التأثير الشديد على الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب.

أعراض اضطراب الشخصية الحدية

تظهر مشاعر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية المتقلبة في جميع سلوكياتهم وأفكارهم ويلاحظ من حولهم هذا وفي الغالب يتأثرون سلبا، فكل يوم تتغير حالة الشخص المصاب بهذا الاضطراب وحالة الأشخاص الذين يحيطون به أيضا.

الأعراض الرئيسية لاضطراب الشخصية الحدية

  • أعراض فصامية (فقدان الاحتكاك بالواقع، ومشاعر الغربة أو الانفصال عن العقل أو الجسم، وربما نوبات ذهانيه في الحالات القصوى، وما إلى ذلك)

  • الخوف المفرط من الهجر والإجراءات المتطرفة لتجنب ذلك

  • سلوك الإيذاء الذاتي الذي قد يشمل محاولات الانتحار

  • صورة ذاتية مشوهة وغير مستقرة، وغالبًا ما تكون سلبية للغاية

  • نوبات متفجرة غالبًا ما تكون غير قابلة للسيطرة عليها، بعيدة كل البعد عن الوضع أو الموقف

  • فترات من الاكتئاب الشديد والقلق وجنون العظمة والتهيجية تستمر لساعات أو أيام

  • الشعور بالفراغ المزمن، أو الخواء، أو الملل

  • السلوكيات الاندفاعية: الإفراط في الإنفاق، الشراهة عند الشرب، الأكل بنهم، حوادث الغضب على الطرق، القتال، إلخ

  • تحولات سريعة من المثالية (الحب المفرط والإعجاب) إلى خيبة الأمل (الغضب وعدم الثقة) في العلاقات

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية من مجموعة متنوعة ومتغيرة من الحالات العاطفية، وهذه الحالات العاطفية تكون متطرفة وغير مستقرة أو يمكن أن تكون طويلة الأمد، ويميلون دائما الي تغيير خطتهم في الحياة وعلاقاتهم ومعتقداتهم وترتيباتهم بشكل جذري.

عوامل الخطر في اضطراب الشخصية الحدية

عوامل الخطر لاضطراب الشخصية الحدية تنقسم إلى ثلاث فئات:

البنية العصبية والوظيفية

تحدث تغييرات وظيفية وهيكلية للأشخاص الذي يتم تشخيصهم باضطراب الشخصية الحدية وتظهر المناطق التي ينطوي عليها التحكم والتنظيم العاطفي في اندفاعاتهم متخلفة وغير فعالة.

علم الوراثة

الأشخاص الذين يحملون تصرفات جينية قوية لهذا الاضطراب تشير الأدلة على أن من يكون أحد أفراد أسرهم من الجيل الأول (آباء أو أشقاء أو أطفال) يعانون من اضطراب الشخصية الحدية أكثر عرضة لإصابتهم بهذا الاضطراب بخمس مرات من الذين ليس لديهم صلة.

التعرض لصدمة أو لإجهاد شديد

الأفراد الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية قد يكونوا تعرضوا للاعتداء الجنسي أثناء الطفولة بنسبة كبيرة، ويمكن أن يكونوا تعرضوا لأنواع أخرى من سوء المعاملة أو التخلي عنهم في مرحلة الطفولة.

تزيد أيضا من خطر الإصابة باضطراب الشخصية الحدية الصدمة الشديدة وتشارك في بداية الإصابة باضطراب الشخصية الحدية ولكن ليس بشكل متكرر كما هو الحال في حالات التعرض للطفولة.

يأتي مرضى اضطراب الشخصية الحدية ولسوء حظهم من حالات عائلية غير مستقرة، ويؤخر ذلك عملية التعافي لأن مشاركة الأسرة في شفاء الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية مفيد للغاية.

الاختلاف بين اضطراب الشخصية الحدية وامراض اخرى

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية فإنه من الشائع أنهم يعانون من أنه يتم تشخيصهم بأكثر من اضطراب ويحدث هذا دائما وبشكل متكرر، ومن الحالات التي تعد متشابهة والأكثر تشخيصا 15 حالة مرضية ومصنفة بنسبة مئوية كما يلي:

  • اضطراب القلق العام: 35.1 بالمائة

  • اضطراب ما بعد الصدمة: 39.2 بالمائة

  • اضطرابات استخدام الكحول: 57.3 بالمائة

  • الاكتئاب الشديد: 32.1 بالمائة

  • الرهاب المحدد: 37.5 بالمائة

  • اضطراب تعاطي المخدرات : 36.2بالمائة

  • الرهاب الاجتماعي: 29.3 بالمائة

  • الاضطراب ثنائي القطب: 31.8 بالمائة

  • اضطرابات الأكل غير المحددة: 26.1 بالمائة

  • فقدان الشهية العصبي: 20.8 بالمائة

  • الشره المرضي العصبي: 25.6 بالمائة

  • اضطراب الهلع: 18.8 بالمائة

  • اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة: 25 بالمائة

  • اضطراب الهلع / الخوف من الأماكن المكشوفة: 11.5 بالمائة

  • اضطراب الوسواس القهري: 15.6 بالمائة

يعتبر ثلاثة أرباع الذين يتم تشخيصهم بإصابتهم باضطراب الشخصية الحدية يصاحبهم أيضا اضطراب القلق والمزاج وأيضا اضطراب تعاطي المخدرات.

الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بإصابتهم باضطراب الشخصية الحدية يتوفر فيهم أيضا معايير بعض الاضطرابات الأخرى في بعض مراحل حياتهم ويعتبر اضطراب الشخصية الحدية جزء أكبر من اضطرابات الشخصية.

من المتوقع ان تتطور أعراض اضطراب الشخصية الحدية الي أعراض تكون متوافقة مع اضطرابات الشخصية النرجسية والشخصية الفصامية.

تشخيص اضطراب الشخصية الحدية

يجب أن تتوافر على الأقل في الشخص خمسة من الأعراض الأساسية لاضطراب الشخصية الحدية لكي يتم تشخيصه بشكل رسمي، ويتم هذا التشخيص من قبل أخصائي الصحة العقلية المرخص (الطبيب النفسي أو طبيب أمراض عقلية أو أخصائي اجتماعي اكلينيكي)

تشمل عملية التشخيص الشاملة على ما يلي:

  • للحصول على التاريخ الطبي للمريض يجب عمل مقابلة مفصلة مع مشاركة أفراد الأسرة إن أمكن.

  • عمل فحص طبي شامل للتأكد من استبعاد الأسباب الجسدية لأعراض الإصابة الوبائية المحتملة.

  • مراجعة للأعراض التي تمت مواجهتها مع أي عوامل خطر قائمة.

عند إجراء التشخيص يجب أن تكون هذه الإجراءات صارمة لكي يتم التشخيص بدقة، ويمكن إعطاء المريض تشخيصا مزدوجا لاضطراب الشخصية الحدية إذا توافقت الأعراض مع اضطرابات الصحة العقلية والسلوكيات الأخرى، وعند اكتشاف علامات استخدام الشخص لمادة اضطراب أخري يتم تحويله الي أخصائي إدمان للتقييم.

في بداية التشخيص يمكن أن يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية بشكل خاطئ وذلك لتشابه أعراضه مع بعض الاضطرابات الأخرى مثل (اضطراب المزاج ثنائي القطب علي وجه الخصوص)، ويمكن أن تتسبب الاضطرابات المتزامنة إلى إرباك التشخيص وإهمال اضطراب الشخصية الحدية.

تعتمد صحة تشخيص اضطراب الشخصية الحدية على مهارة الممارسين المحترفين في تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب، ويمكنهم أن يقوموا بالتشخيص الصحيح بنجاح وذلك بمساعدة المرضي وأسرهم وإعطاء المعلومات بدقة وعناية.

علاج اضطراب الشخصية الحدية

يتم عمل برامج فردية للعلاج النفسي وعمل جلسات جماعية وفردية وعائلية في نظام العلاج، ويتم التركيز على الوضع الشخصي للشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية نفسه والذي بدورة يؤثر على الجميع، ويوجد بعض العلاجات التي أثبتت فعاليتها للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية وتشمل:

العلاج السلوكي الجدلي

يتطور لدي المرضي في العلاج السلوكي الجدلي مهارات التعامل وتحسين العلاقات وإدارة العواطف ويتم العلاج عن طريق بعض الأنشطة التقليدية مع التأمل الذهني وبعض التقنيات الأخرى لكي تساعد الشخص على الحفاظ على التوان العاطفي.

العلاج السلوكي المعرفي

في مرحلة العلاج السلوكي المعرفي يكون الهدف هو إزالة أنماط التفكير السلبية والتدميرية الذاتية والتي تميز من يعاني من اضطراب الشخصية الحدية وزيادة عدم القدرة على إدارة حياتهم العاطفية بطريقة ناجحة.

العلاج الاستنباطي

يكون لدي المريض الذي يخضع للعلاج القائم على الاستنباط وعيا أكثر وبشكل تدريجي لحالته العاطفية ويتم معرفة تاريخ العلاقات الغير منتجة للشخص عن قرب والهدف هو تطوير التعاطف لجذب تفاعلات اجتماعية مستقبلية أكثر إيجابية.

العلاج النفسي الذي يركز على التحول

تكون العلاقة بين المريض والمعالج وسيلة للشخص لزيادة فهمه واكتسابه للقدرة في تقرير مصيره، ويتركز في العلاج النفسي الذي يركز على التحول على إعادة تنظيم الشخصية وهو أمر مهم للشفاء والتعافي.

التربية النفسية للعائلة

يجب ان يحتوي البرنامج العلاجي على جلسات تعليمية مخصصة للآباء والأمهات والزوجات والأقارب الآخرين للمريض لأن اضطراب الشخصية الحدية يعد من أكثر الاضطرابات ارهاقا للعائلات، وبعض الأبحاث أثبتت أن العلاقات الأسرية السليمة لها فائدة كبيرة للمريض وتساعد في التربية النفسية للعائلة أيضا.

العلاج بالرقص والحركة

يوصف للمريض بعض الأدوية الصيدلانية لتساعده وتكون مفيدة ضد الاكتئاب والقلق والغضب وبعض الاضطرابات المتزامنة التي تصاحب اضطراب الشخصية الحدية.

يُوصَف للمريض بشكل متكرر مضادات القلق والاكتئاب ومضادات الذهان ومثبتات المزاج ويتم عمل أنظمة علاجية شامله في حالة وصف أدوية بشكل متكرر لمرضي اضطراب الشخصية الحدية.

من الضروري وضع الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية في إقامة قصيرة من 30 الي 90 يوما في أحد مراكز العلاج المتخصصة لكي يتمكن من حصوله على بداية جيدة ويتم معالجة الحالة بشكل شامل.

مسار مرض اضطراب الشخصية الحدية المحتمل

يعتبر اضطراب الشخصية الحدية حالة دائمة مدي الحياة وإذا تُركَت دون علاج تتسبب في أضرار هائلة للمريض، مع العلم أن نسبة الانتحار بين مرضي هذا الاضطراب 10 % وهي نسبة كبيرة ولابد من العلاج الطبي لهؤلاء الذين يعانون من سلوكيات الإيذاء الذاتي ويمكن السيطرة على هذه الحالة من التدمير.

يحصل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية على فائدة كبيرة إذا التزم ببرنامج لرعايته المستمرة لمدي طويل ويساعد الشخص في تغيير سلوكه المدمر للذات، فبالرغم من أنه لا يمكن الشفاء من هذا الاضطراب ولكن هذا البرنامج يأتي في مصلحه الشخص المريض.

ويمكن أيضا أن تساهم الإقامة في مستشفى والمتابعة الدائمة في التعافي ويكون لدي الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية شبكة دعم قوية وفرصه لكي يتغلب على هذا الاضطراب.

اشتراكك فى قائمتنا البريدية يعنى موافقتك على ارسال كل جديد لك

اشرتك فى قائمتنا البريدية للحصول على احدث المقالات

عن الصحة النفسية وعلاج الادمان ومجالات حياتية اخرى